
ياسر مدني
كلما سمعت صوت صافرة القطار تجول بخاطري ذكريات كثيرة منها درس المرحلة الإبتدائية( سهام في القطار ) والأغاني التي نظمها عظماء الشعر السوداني في محبوباتهم .. فقد كان حضرة الشاعر إذا فارقت البنت التي يحبها أو صاحبة الجمال والعفاف والعيون والدلال الحي أو الحلة يسرع ليبكيها ويبكينا معه بواسطة قصيدة سرعان ما نتحول إلى أغنية ومعظم هؤلاء الحبيبات أو الجميلات كن يسافرن بالقطار ولم نسمع حتى الآن أن أحد هؤلاء الشعراء العشاق كان من شدة الهجر يقوم بقذف القطار بالحجارة أو نهب قضبانه لمجرد أنه حمل في إحدى عرباته حبيبته..نعم لم نسمع ولم يؤكد التاريخ حتى اليوم أن أحد هؤلاء الشعراء العظام سب أو شتم القطار أو فكر في الإعتداء عليه لا لا بل كان هؤلاء المساكين يكتفون بإلغاء اللوم على القطار في قصائد يتم غناءها الآن بأصوات من ( دهب ) لأن القطار كما في إعتقادهم لا ذنب له نعم … فأي ذنب جناه القطار ، وما يحدث اليوم من إعتداء وتخريب لخطوط السكة حديد هو سلوك فظيع نابع من خطأ كبير في التربية التي تبدأ من البيت مما يجعلني أتساءل هل الأسرة السودانية بدأت في التفكك والإنحلال وأن ما يحدث هو فعلاً بداية لإنهيار المجتمع بقيمه وعاداته السمحة، وإن الأجيال القادمة هي أجيال شعارها الكراهية والإعتداء على الآخر حتى على الممتلكات العامة التي تقوم على خدمتهم..إذ ماذا ؟ سيستفيد الشخص( البالغ ) من قذف قطار بالحجارة أو الإعتداء عليه ..
إنني أتساءل أي ذنب جناه القطار ..
هل القطار هو الدولة الحاكمة ؟ هل القطار هو البرهان او حميدتي او أو أو ….
إن القطار الذي ركبته سهام في الإبتدائية هو قطار الشعب والقطار الذي سافرت به معظم محبوبات شعراءنا العظام هو نفسه .. نفسه قطار الشعب ..فأي ذنب جناه القطار ..
yassirmadani@yahoo.com