تقارير
أخر الأخبار

تقييم عالمي للأوضاع الصحية بالجزيرة

إقرار افتتاح مكتب إقليمي وسط السودان

تقرير: راشد حامد عبدالله 

اجتاحت مياه السيول مناطق واسعة بولاية الجزيرة، مُخلفةً أثرًا عميقًا بما يكفي للشعور به لفترة طويلة.

وتظهر علامات أضرار الفيضان بوضوح على تلك المناطق، حيث تحولت القرى إلى حطام، وأكوام من الركام أبرزت ضعف الأبنية في مواجهة الظواهر الطبيعية..

ودعمت منظمة الصحة العالمية تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية في ولاية الجزيرة- وسط السودان- بالارتقاء بالمرافق والمنشآت الصحية في مناطق الشبارقة شرق ود مدني، والثورة موبي وصولًا إلى القدرة التشغيلية الكاملة.

وأثبت هذا النهج متعدد الشركاء فعاليته ونجاحه في تقديم أفضل رعاية صحية ممكنة للسكان بهذه المناطق..

وفي ظلِّ استمرار تأثُّر مناطق في الجزيرة بهطولٍ هائلٍ للأمطار الموسمية وفيضانات بمستويات غير مسبوقة، تحذِّرُ منظمة الصحة العالمية من تهديدات كبرى على مستوى الصحة العامة تحدِّقُ بالسكان المتضررين، ومن ذلك مثلاً مخاطر انتشار أوسع للأمراض المنقولة بالمياه والنواقل كالملاريا والحمى.

ولهذه الأمطار الموسمية الغزيرة آثار مأساوية هائلة؛ إذ تضرَّر من جرَّائها

السكان المحليون، ما خلَّفَ ملايين الأشخاص الذين انقطعت بهم السبل إلى الرعاية الصحية والعلاج الطبي، ولم يعد بمقدورهم الحصول عليهما..

**دمار كبير

وقال الدكتور أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: “وفقًا لتقييمٍ أوليٍّ أجرته منظمة الصحة العالمية والشركاء في مجال العمل الإنساني، فإن مستوى الدمار الحاليَّ كبير جداً بمناطق الجزيرة..

ودشَّنت منظمة الصحة العالمية جهود استجابة فورية لعلاج المصابين، وتزويد المرافق الصحية بالإمدادات والمستلزمات المنقذة للحياة، ودعم الفرق الصحية المتنقِّلة، والوقاية من انتشار الأمراض الـمُعْدِية.”

وتتعاون المنظمةُ مع السلطات الصحية لتقديم استجابة سريعة وفعَّالة على أرض الواقع. فالأولويات الرئيسية الآن هي ضمان حصول السكان المتضرِّرين من الفيضانات على الخِدمات الصحية الأساسية بسرعة، وتعزيز وتوسيع نطاق ترصُّد الأمراض والوقاية منها ومكافحتها، وضمان تنسيق قوي بين المجموعة الصحية.”

وإن الأولويات العاجلة للمنظمة هي الإسراع بتوسيع إمكانية وصول السكان المتضرِّرين من الفيضانات إلى الخِدمات الصحية الأساسية وحصولهم عليها، وتعزيز ترصُّد الأمراض وتوسيع نطاقه، والوقاية من الفاشيات ومكافحتها، وضمان استجابة تتسم بالتنسيق الجيد على المستويين الوطني ودون الوطني، ومن ذلك إشراك جميع الشركاء المعنيين.

منظمة الصحة العالمية والشركاء يجرون كذلك تقييمًا أوسع للخدمات الصحية التي أصابها التأثُّر الشديد ويعملون على تحديد الجوانب ذات الأولوية التي تتطلب استجابة، بما في ذلك تقديم الخدمات الصحية الروتينية والخدمات الصحية في حالات الطوارئ..

**مكتب إقليمي

وأعلن والي الجزيرة المكلف إسماعيل عوض الله العاقب، دعمه قيام مكتب إقليمي للصحة العالمية بالولاية..

جاء ذلك في كلمته بقصر الضيافة بود مدني لاجتماع عرض الوضع الصحي بالولاية على مسؤولي المكتب الإقليمي للصحة العالمية إقليم شرق المتوسط، ووزارة الصحة الاتحادية..

وشدد العاقب على ضرورة إعادة تشكيل “المجلس الصحي” الولائي بعد سلسلة مشاورات تضمن قوة التكوين واستدامة التنسيق المستمر بين سلطات الولاية، وجامعة الجزيرة، ومنظومة العلماء والخبراء في الحقل الصحي..

وأضاف أن تشكيل المجلس يجب أن يستصحب كل القطاعات المهمة بالصحة، ويساعد في تأطير الاهتمام بالصحة والبيئة..

وأعلن تسخير إمكانيات الولاية لإسناد استئناف عمليات الرش الضبابي للملاريا والتي لم تموّل لعامين، منعاً لحدوث كارثة صحية محدقة بالولاية في ظل السيول والفيضانات..

**النموذج الصحي

كان وفد الصحة العالمية زار مستشفى الشبارقة للإطلاع على مبادرات ومؤشرات المدن الصحية وفرص تطبيقها..

وتتاح الجزيرة لواحدة من هذه المبادرات باشتمالها على موديل نظام صحي يركز على الرعاية الصحية الأساسية، ويتوقع أن تتحقق عبره فوائد كبيرة للمجتمع..

ووقع الإختيار على الشبارقة شرق ود مدني بما تستند عليه من مقدرات عالية توفر مقومات النجاح؛ كنموذج لتنفيذ المشروع..

وفي المقابل، أظهرت زيارة منطقة “الثورة موبي” فقر المجتمع، وضعف الخدمة الصحية نتيجة تهالك المراكز الصحية، ما يفرض التدخل العاجل..

مدير المكتب الإقليمي لشرق المتوسط التزم بتأهيل المرافق الصحية، في حين قال وزير الصحة الاتحادية إنهم سيعملون عليها بصورة أساسية، بينما التزمت ولاية الجزيرة بتنفيذ ردميات ترابية..

**تأهيل

الزيارات شملت معهد النيل الأزرق القومي للأمراض السارية، أحد أعرق المعاهد التي تقدم خدماتٍ كبيرة جداً، وله بحسب وزير الصحة الاتحادي: “اسم عميق” في الصحة والبحوث للأمراض المدارية..

وجرى الإتفاق على تأهيل المعهد بكل مقوماته ومقدراته وتاريخه ليكون مركزاً متعاوناً مع منظمة الصحة العالمية تحقيقاً للرؤية الاستراتيجية لدول الإقليم بزيادة المراكز..

المقدرات التي يستند عليها معهد النيل الأزرق كفيلة في نظر وزير الصحة الاتحادي، باستقطاب تمويل لمشروعات كبيرة عبر مقترحات بحثية لاسيما وأن السودان يعتبر محطة تدريب وبحوث في مجالات الأمراض الوبائية والطفيليات..

**اعتماد عالمي

وأزجى الوزير التهنئة الحارة لمركز تطوير التعليم الطبي والبحوث بتأكيد وتجديد اعتماده مركزاً متعاوناً مع منظمة الصحة العالمية إقليم شرق المتوسط؛ وقال إنه شرف للسودان من واقع ما سيقدمه المركز من خدمة كبيرة للبلاد..

وشدد على ضرورة توريث الشراكة المتميزة بين جامعة الجزيرة ووزارة الصحة الولائية؛ وعدّها رسالة يجب أن تُرسّخ وتكون في مأمن ومعزلٍ عن تأثير التقلبات السياسية والأهواء الشخصية، وأن تكون نظاماً مستمراً..

وأعلن دعمهم القوي في الصحة الاتحادية لهذا التوجه، واتجاههم لتأسيس شراكة أصيلة بين التعليم العالي والصحة في كل السودان اهتداءً بنموذج الجزيرة، ودفعاً لهذه الشراكة حطواتٍ واسعة للأمام..

وكشف إبراهيم عن موافقة مدير المكتب الإقليمي لشرق المتوسط مقترح تأسيس مكتب للصحة العالمية بالولاية يخدم ولايات السودان والإقليم، ويدير أعمال الصحة العالمية..

واعتبر الجزيرة من أكبر ولايات البلاد في تقديم الخدمات الصحية عبر النظام الحكومي..

وعبر عن أسفه للموقف المُتأزم في شأن الرش الضبابي للملاريا وعدم تضمينه في التمويل العالمي للأعوام ٢٠٢٢م- ٢٠٢٣م، ولكنه شدد على ضرورة تدارك الموقف بصورة أو بأخرى لتفادي حدوث كارثة كبيرة جداً في الوضع الحالي..

وقال إن تكلفة عمليات الرش لعامين والبالغة ٣٠ مليون دولار،” ما كتيرة على الدولة”..

وأقرت وزارة الصحة الولائية بتنامي حاجة مكافحة الملاريا للدعم الكبير جداً في ظل أوضاعٍ تنذر بتفاقم المشكلة على نحو يستدعي التدخل العاجل، والرش بالطائرات..

**مخاوف

وأقر د. نعمة عابد مدير مكتب الصحة العالمية بالسودان، بتنامي الاحتياجات الصحية الكبيرة للبلاد في ظل محدودية الموارد..

وأبدى مخاوفه من توقف عمليات الرش للملاريا بالجزيرة وسنار في ظل المتوقع من آثار سلبية على زيادة معدلات الملاريا..

وأشار لاستناد الجزيرة على إمكانيات كبيرة في جانب المراكز المتخصصة، والإمكانيات العلمية، والمختبرات التي تتطلب التطوير باستمرار، لكنه أشار إلى أن الموارد البشرية تشكل العنصر الأهم والأكبر..

وبدا عابد متفائلاً بالتطور في مجالات الصحة بالجزيرة، والسودان، والإقليم..

**شراكات

كلية الطب جامعة الجزيرة، أكدت تميز شراكتها مع وزارة الصحة الولائية، وجاهزية مركز تطوير التعليم الطبي والتدريب والبحوث لتأسيس قاعدة تعاون واسع على المستويين الإقليمي والعالمي..

وقال د. وائل نوري عميد الكلية، إن جامعة الجزيرة تضم مراكز عريقة ومتخصصة جاهزة للتعاون مع وزارة الصحة اتحادياً وولائياً، والمنظمات العالمية والأممية كسبب أصيل في تطوير خدمة الصحة والمجتمع..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى