
الرياض:الخرطوم:مدني نيوز
بقلم:تيسير محمد عوض
الأصل في الحياة مخالطة الناس مع ضرورة الصبر على الاذى،وتعتمد حياتنا في مجملها على بعضنا البعض وهذا أمر في غاية الأهمية،
اذ يعزز ذلك من ثقافة تقبل الاخر المختلف ،والتعايش والمرونة ،لان الحياة الدنيا رحلة لاتخلو من المنحدرات والمطبات والمنعطفات وتحتاج الى سائق ماهر يعي متى يتوقف ومتى يسرع …
ولكن وعثاء الحياة وعوالج التجارب المريرة وتكرار عمليات الخذلان تجعل المرء ضعيفاً بعض الشيء يفقد الثقة بنفسه اولاً ومن ثم كل فرد في محيطه ،ويخطىء في تقدير الامور ويباغته شعور بغصة في القلب وخيبة الامل ومتلازمة القلب المكسور ،مما يدفعه تلقائياً الى الانغلاق على الذات والتمحور حولها ظاناً بذلك السلوك انه يحمي نفسه من وخزات الخيانة وكل من تسبب بها من الذين حوله ،وانا لا ألوم من يسلكون ذلك المسلك ،أحياناً نحتاج الى الابتعاد قليلاً لتقييم بعض المواقف ،والتفكير ملياً بطريقة مختلفة حيال امر ما لمدة كافية من الزمن حتى نصل الى قرار نهائي ففي هذه الحالة نكون قد حصّنا أنفسنا من العواصف القوية و من المواقف السالبة ضد الغدر والخذلان واصبحنا اكثر تحملاً ومرونة للاثار المترتبة عليها ، بذلك نكون قد اعدنا ترتيب الأولويات والأشخاص، وتطوير الذات واستعدنا الحيوية والنشاط …
استراحة محارب بمعنى ادق
ورجعنا أقوى ماكنا عليه في السابق …
وايضاً هنالك عزلة على غرار التدابير التي فرضتها جائحة كورونا في العالم رغم انها ايّام عصيبة على الجميع وفي خضم المحنةاستشعرنا نعم الله التي أفاء بها علينا، وكنّا في امن واستقرار صحي ونفسي وان العافية هي الغاية وأهم مايطلبه العبد من الخالق ان يسأله العفو والعافية…
العزلة صححت مسار الكثيرين منا ودلفنا بطريقة مختلفة للحياة ورؤية جديدة في علاقاتناالاجتماعية ،وقلت حدة الحياة الصاخبة ،واغلب الناس انشغلوا بتدبير امورهم وأعمالهم ،بمعنى اصح أداروا بوصلة الحياة نحو المسار الصحيح
( ماقبل الكورونا ليس كما بعدها، اشياء كثيرة تغيرت بدواخلنا ونظراتنا للامور وتوجهنا …
وهنالك عزلة قد تجعل منك انسان مختلف تماماً اذا تم استغلالها بطريقة ايجابية فمثلاً قضاء وقت زمني طويل في تخطيط لمستقبل والعمل على صقل المواهب وتطوير الذات بالدراسة والبحث المضني الذي يتطلب وقت ومساحة كبيرة ليخرج الانسان الى العالم بشخصية مختلفة او نظرية قد تساعد في تغيير مسار الكون وربما هذا النوع فرخ علماء ،استفادت منهم البشرية في العالم اجمع وهنالك نماذج كثيرة يستدل بها على سبيل المثال لا الحصر :
(إسحق نيوتن العالم الانجليزي الذي نال درجة علمية مرموقة بعد عزلة الطاعون في ذلك الوقت …
وهو أحد عشاق التجارب العلمية والنظريات الفلسفية ، وهو عراب المعرفة الكونية اتخذ هذا العَالِم البارع من الهروب بعيداً عن ضجيج هذا العالم وصخبه الى مخبأ سري ليكتشف اساسيات التطور الفكري الإبداعي ،فقد اعتكف وصاغ للعالم نظرياته ولم يفصح عنها إلا بعد التاكد من صحتها والتثبت من مدى فاعليتها وخلؤها من نسب الخطأ وأنها صالحة للخروج الى العالم بشكل سليم ،وبذلك يكون قد وأد كل المعتقدات السابقة،التي لا أساس لها من الصحة، كانت تحكم الارض ،و تطورت حياة الناس بهذا التصور الجديد وأسهم في تشكيل النظرة العقلانية الحديثة للكون وقوانين الحركة والجاذبية والنسبية ، وحركة الكواكب و النظام الشمسي والضوء).
هذا مايتعلق بالجانب الإبداعي الابتكاري…
وهنالك علماء كثر اتخذوا من العزلة
طريق نحو التطور والتقدم والنماء والازدهار استفادت منه البشرية …
وقد تجعل العزلة منك انسان منطوي
إذا أذعنت لها واستدعت عوامل اخرى كاليأس والإحباط ستجعلك هشاًمكتئباً فاقد الرغبة في كل شيء ،وفي هذه الحالة قد يكون الامر بالغ التعقيد وقد تضطر الى حوجة من يساعدك على تجاوز تلك المحنة على حسب حدتها وقد تصل الى ان تعرض نفسك الى طبيب نفسي اذا لزم الامر…
لذلك الاتزان في كل الامور مطلوب
لا افراط ولاتفريط ،كما يجب ان نربط حياتنا بأهداف وليس اشخاص ،في هذه الحالة وجود الطرف الاخر او عدمه لا يؤثر بشيء على الاطلاق
خلاصة القول يتوجب علينا التأقلم مع اي حالة في هذه الحياة الدنيا والاستفادة منها الى أقصى الحدود…
شاعرنا الكبير الفقي طيب الله ثراه
قال:
أعيش نهاري ألف عام وانطوي .
من الليل في دنيا الهموم الخوالد!
حياتي حياة الواجدين جميعهم.
وليست حياة الواحد المتواجد !
اتيت الى الدنيا بأشجان أمة.
فكيف تواسيني بأشجان واحد؟!
وما انا الا ابق ماتردده
الى ربعه إلا دموع الجلامد٠
وايضاً قال:
مسني الضر في الحياة…
فامسيتُ كايوب صاحب الضراء.
فتمرست بالخطوب فماعادت –
خطوبي..تزيد من بأسائي.
ربما يشتكي البلاء المصابون…
ولكنني رضيت بلائي.
صرت مما لقيته..أشتكي الفرحة
ان كدًّرتْ عليَّ صفائي.