منوعات

الوصية :أحمد بن عفيف النهاري

قصة قصيرة

صنعاء:الخرطوم:مدني نيوز

أحمد بن عفيف النهاري

الزمان : 1981م .

المكان : بيت متداعٍ .

.. صرخات طفلٍ وليد تشق عنان المدينة القديمة قدم التاريخ ..

أبٌ في العقد الرابع من عمره يذرع المكان جيئة و ذهاباً .. .

في زاوية المكان مجموعة من الصغيرات يرقبن أباهن في توجس و خيفة و يزداد انكماشهن …

من الباب الموارب تخرج امرأة عجوز هد الزمن كاهلها ..

المرأة العجوز : مبروك .. لقد ولدت زوجتك ..

الرجل مزمجراً : تمام .. تمام .. ماذا أنجبت .. ؟!

المرأة العجوز متلعثمة : الحمد لله على سلامتها .. و كذلك الطفل بخير ..

الرجل مرعداً : طفلٌ … أم طفلة …

العجوز مبتعدة عنه و قادم صوتها بخفوت : طفلة …

تظلم الدنيا أمام الرجل .. يخرج من الباب صارخاً متوعداُ راكلاً الباب الخشبي المتآكل أصبح خارج البيت ..

************

الزمان : 1989م

المكان : فناء بيت متداعٍ .

طفلة تلعب مع أخرى تصغرها بعام ..

فجأة يأتي والدهم كأنما نبع من اللامكان …

الأب مكفهراً : عليكما اللعنة .. اختفيا من أمامي ..

الطفلتان تفران كأنهما رأيا بلوتو ذاته ..

إلى سطح بيتهم .. هناك حيث قن الدجاج هو مكانهم المفضل ، تحتضنان بعضهما و تنتحبان في صمتٍ قاتل ..

************

في حضرت بلوتو المبجل

امرأة مهترئة ترقع ثوباً ممزقاً .. تقف مفزوعة إذ يدخل الأب ..

الأب بصوت يقطر قسوة : جاءني اليوم عريسٌ لابنتك ..

الأم و الخوف يرمح من عينيها و بصوت متلعثم : أي ابنة ؟!

الأب مزمجراً : نبيلة ..

الأم و الدمع يترقرق في عينيها : و لكنها ما تزال طفلة ..!

الأب و الكلمات تخرج من فيه قاطعة : خلاص لقد أعطيت الرجل كلمتي ، و أنتهى الأمر ..

الأم مستسلمة : من هو .. ؟!

الأب منتشياً : إنه صديقي أبو عطية ..

الأم مصعوقة : و لكنه رجلٌ كبير ، و متزوج بثلاث .. !

الأب صارماً : أحل له الشرع أربع ..

************

الزمان : 2003م

المكان : سيارة متداعية .شابة في أوائل العقد الثالث من عمرها .. تفترش أرضية السيارة ..، عيناها صفراوان ..، بطنها تبدو منتفخة ..

تئن بصوتٍ خافت ..

تحاول نش الذباب عن وجهها .. ، لكن يدها تسقط إلى جوارها هامدة ..

سائق السيارة ينظر إليها من خلال مرآة سيارته ، يلاحظ شفتيها تغمغم بشيءٍ ما … ، يوقف السيارة إلى جانب الطريق .. ، و يلتفت للشابين المرافقين للفتاة قائلاً :

استمعوا لها جيداً ..

أحد الشابين ينحني ليسمعها …

رفع رأسه ليقول بصوتٍ متألم : إنها تقول بأن منيتها حانت .. ، يصمت قليلاً ثم يقول : و توصينا بأن لا يشهد جنازتها أهلها و خصوصاً أباها و زوجها الذين تخلوا عنها ..

************

الزمان : لا نزال في العام 2003م

أجلس وحيداً أطالع صحيفة محلية لعلي أجد وظيفة شاغرة ، قرأت فيها هذا الخبر :

” .. نبيلة فتاة في الثانية و العشرين من عمرها ماتت متأثرة بفيروس الكبد الوبائي ، قبل وصولها للمستشفى بمعية بعض رواد المسجد المجاور لمسكنها ، و قد أوصت بأن لا يشهد جنازتها أهلها أو زوجها .. ”

 

 

تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى