
الرياض :الخرطوم:مدني نيوز
تيسير محمد عوض
ظروف انتقالنا من منطقة الى اخرى جعلتنا نلتقي بالعديد من الطالبات في المدرسة في مختلف المراحل بعضهن صاحبات أمزجة وطباع مختلفة فنجد النابغة سريعة البديهة، تتمتع بذكاء متقد وعادةً ماتكون هادئة الطبع قليلة الكلام دقيقة التركيز ، تجلس في الصف الامامي بالقرب من السبورة ،بما انها متفوقة فمن البديهي اختيارها لحل مسألة صَعِب حلها على البقية ،وتجد اهتمام خاص من المعلمين والمعلمات وتحظى بمعاملة خاصة مما يثير الغيرة في نفوس الأخريات لانها بصراحة نجمة الفصل تخطف كل الأنظار وتجدها تحل واجباتها في فسحة الفطور بينما كنّا نحن نتجول في فناء المدرسة وتذهب مكتب المعلمات لتصحح اول واحدة ، مما ينعكس هذا سلباً على الأخريات ويعرضهن الى العقاب في حال تأخرهن في حل الواجب وعدم تسليمه في الوقت المحدد ،وهنالك المشاغبة والمشاكسة تاتي بعد نهاية الحصة الاولى والمدرسة عبارة عن متنفس لها من ضغوطات وأعباء المنزل ليس الا ،هي في وادي والآخريات في وادي آخر تماماً دائماً تجلس في اخر كنبة لكي لاتلفت الانتباه ، ويتم اختيارها ألفة الفصل ربما لشخصيتها القوية ، او لطول القامة المهم الكل كان يتنافس لإرضائها وصداقتها لانها ببساطة ممكن تشطب اسمك من قائمة المزعجين بالرغم من انها اكثر واحدة مشاغبة وكنت محتارة في طريقة اختيارها لحفظ النظام لكن ادركت ذلك مؤخراً ان عملية الاختيار ناتجة من أسس علمية بحته ،
الشخص المناسب في المكان المناسب ،وايضاً هنالك متوسطات الفهم والتركيز لكنهن طيبات القلب يتمتعن برحابة الصدر والاستقامة وحقيقة نكن لهن كل الود ونقدرهن حق تقديرتنتظر الواحدة منهن تكملة المرحلة المتوسطة او الثانوي بالكثير لتدخل القفص الذهبي كما كنّا نسميه في ذلك الوقت او العصر الذهبي ،وايضاً الطالبة المرحة تجذب الأخريات كما المغنطيس اليها لايسلم احد من لسانها من المدير الى الغفير تنالهم بسهام سخريتها اللاذعة ،ومع ذلك تظل عالقة في الأذهان وكلما يأتي ذكرها وسيرتها ترتسم على محياك ابتسامة فهولاء لهم بصمة وأثر في نفوس الناس لاتنمحي ولايزول اثرها مدى الحياة ، ، وايضاً المتذمرة دائمة الشكوى انها الوحيدة على حق والعالم كله ضدها تشتكي من هذه ومن تلك وهي الوحيدة المظلومة ،واخرى تسرد لك عيوب الناس وتنسى ان تذكر محاسنهم ولونظرت الى حالها تحتار من اين تبدأ وتصور لك العالم كأنه غابة وسكانها وحوش وحيوانات مفترسة ،فتنصحك بالحذر من الجميع وان تكون على علاقة طيبة بها وحدها لانها الملاك الطاهر على الارض ، والشخصية النرجسية محبة لذاتها انانية مطلقة هي الوحيدة التي تستحق الأفضل وغيرها لا أهمية له فضلاً عن الغيرة الشديدة من نجاحات الاخرين وشخصية متناقضة وكثيرة نقد الاخرين ،ولايقبلون التوجيه او النصح ولاننسى الشخصية الممثلة تجدها تحكي قصص وأحداث حزينة أو مخيفة جرت معها لتحرك من خلالها مشاعر الآخرين وتحصل على تعاطفهم وهذه تجدها اكثر مشاركة في الدورات المدرسية والمسرح فهي تجيد كل الأدوار على كافة الأصعدة .وايضاً الطالبة المتنمرة التي تعتدي على الجميع لاتفرق بين الصالح والطالح تستغل الاخرين مادياً ومعنوياً غريبة الأطوار والسلوكيات محبة للأذية لاتجد مبرر لسلوكها العدواني وليس لها هدف في الحياة ،لايجلس بجانبها الا من ينتمي الى نفس الفصيل ولايجالسها الا من يريد ان يامن شرها .
فتتحمل ثقل كل واحدة منهن على مضض
على أمل ان تلتقي في العام المقبل بافضل منهن سلوكاً وفكراً ،وهذا لا ينطبق عليك وحدك فحسب ،فكل منا يقيم الاخر على حسب وجهة نظره
ولكن المهم في الامر نجد هذا السيناريو يتكرر كل عام مما يجعلك تلقائياً تذعن للأمر الواقع كأن مايحدث مشيئة القدر .
في بادي الامر يتراى لك ان معظمهم سيئين الا القليل القلة ولكن في الحقيقة هم ليس كذلك
هم على خلاف طبيعتك ليس اكثر .
وهذا الاختلاف اذا لم نتفهمه ونتعامل معه بحكمه سيفسد للود قضية .
فهولاء ليس على صعيد المدرسة فحسب وانما تجدهم على كافة الأصعدة
في الجامعة في مكان العمل في البيئة المحيطة ، وحتى الاسرة الواحدة والأشقاء وحتى لانصطدم معهم او تسوء علاقتنا بهم ونفشل في بناء علاقة إنسانية معهم نتبنى منظومة التعايش معهم
نتقبلهم كما هم بسلبياتها وإيجابياتهم
لاننا في النهاية بشر ولسنا بملائكة أحياناً نخطى وتارة نصيب
فبهذه الطريقة باستطاعتنا ان نبني معهم علائق وطيدة وسنجدهم تلقائياً مقبولين ويمكن التعامل معهم ….
اذا لابد من تقبل الاخر المختلف واحترام طريقة تفكيره وآراءه ومعتقداته وسلوكياته محاولين تجنب اصحاب السلوك الشاذ بقدر المستطاع لايعني ان نقطع علاقتنا بهم بل تكون في حدود الشرع ليتقبلنا الآخرين …
يقول الله عزّ وجل في محكم تنزيله :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
الآية 13 من سورة الحجرات
صدق الله العظيم