
الرياض:الخرطوم:مدني نيوز
تيسير محمد عوض
حياتنا الإجتماعية أصبحت مرتعاً لتفريغ السلبية والعدوانية وملتقى لاحزاب مشجعين ومقاطعين فيجب علينا ان نرتقي بعقولنا …
منصات للقذف والشتيمة وازمات اخلاقية نمارسها بشكل يومي في مواقع التواصل الاجتماعي
يبدو ان الحرية المطلقة التي اصبحوا يحسوا بها خلف الشاشات ،بلارقيب ولاحسيب ،معتقدين ان العالم الافتراضي يمنحنهم ويمتعهم بحرية تعبير غير مشروطة فيمنحون انفسهم الحق بقول وكتابة كل مايحلو لهم دون التزام بقواعد اللباقة والاحترام والأدب ومراعاة شعور من يوجهون لهم سهامهم او شعور مرتادي المواقع جراءهذا التصاعد والتراشق بالكلمات والعبارات المتداولة والمعلبة واحياناً تفرغ في بيئة غير بيئتها ومكان غير مكانها ،حب الظهور ،عراك في غير معترك اندلاع حروب لامتناهية من الردود القوية والرسائل المبطنة بألف معنى ناهيك عن المغالطات والمزايدات في حب الوطن.
وحب الوطن لا يحتاج الى مساومة او مزايدة ومجادله،ولا يحتاج لشعارات رنانة أو الالاف من الكلمات ،ولايحتاج الى التشكيك في نوايا الاخرين بل يحتاج الى حبنا واحترامنا لبعضنا ,وأصواتنا وتلاحمنا ،وتكاتفنا …
واجب الوطن علينا تقييم سلوكياتنا ،كيف ننشد التغيير اذا لم نتغير من الداخل ان لم تتغير افكارنا، اذا فشلت الحكومات المتتالية في نهضة السودان كما تزعمون فنحن أيضاً فشلنا في الحفاظ على مبادئنا القويمة لم نحافظ على مكتسبات اجدادنا ،منذ القدم معروف عن الشعب السوداني بانه من افضل الشعوب على الاطلاق من ناحية الشهامة والمروءة والاخلاق الفاضلة ،اين نحن الان من كل هذا اذن ؟!
ماهي الدوافع للقيام بهذه السلوكيات والممارسات العدوانية الممنهجة والمبرمجة …
وصلت الى قناعة ان اي شخص يتعمد اساءة الاخر دون تبرير ماهي الا وسيلة يلجأ اليها لملأ نقص اوتعويض نقص يحس به تجاه نفسه وتجاه الاخرين
فباساءته تلك يترأى له ان قد نال من خصمه او قلل من شأنه ليخفف عن نفسه حدة الكراهية والحقد الذي يشعر به تجاهه
شعوره بالإحباط ، وتنفيسه لضغوط يمر بها اوناجمة من فراغ يعيشه جراء عدم تحقيقه لذاته او سخطه لواقع يعيشه ،كما يمكن ان نرجح سبب هذا الغثاء الى ضعف في النضج والفكر واضطراب في السيطره على كوابح نفسه وعدم مقدرته على نزع العدوانيه تجاه الاخرين …
اُسلوب الشتائم وجرح مشاعر الاخرين عادة مرتبطة بوجود خلل نفسي يعاني منه هولاء الأشخاص لان التعليقات تبتعد عن مضمون المحتوى وتميل وتركز على الاشخاص فقط بكل سلبية متصيدين الاخطاء ،ناصبين الافخاخ لغيرهم ،ويحرضون شخص على آخر وجالسين ومراقبين (حرب بالوكالة )
ممارسات تخطت كل حدود الاحترام والأدب والذوق العام رافضين تقبل الآخر المختلف ،
لماذا نسعى دائماً للأساليب العدوانية المسيئه اذا اختلفت رؤانا وأفكارنا
وأيما مجتمع تفشت فيه الكراهية كانت تلك بداية للتفتت والتلاشي والتفكك لهذا المجتمع
وعندما تكره شخصاً او مجموعة او حزب فمن الرقي بمكان ان لاتجعل الجميع يكرهه ويتبع نهجك من خلال حديثك عنه ،دع غيرك يخوض التجربة قد يكون الخلل منك والطرف الاخر على حق ونواياه الإصلاح
هنالك منطقة وسط بين الحب والكراهية
وهي مرحلة اللاحب (نقطة الاتزان )
وهو السلام والتسامح مع الاخرين ،
حتى وان لم نكن نحبهم او نتقبلهم
توصلك الى سلامة الصدر
انتقالك من الكراهية الى مرحلة اللاحب يقييك المشاعر السلبية (العداوة والحقد والبعضاء والغيبة )ويقيك شر تحويل حياتك الى جحيم
من زاوية جمالية وأدبية
كان نزار قباني يُعتبر «شاعر الحب والمرأة» وكأنّ هذا اختصاصه المعاناة العربية وحتى الشخصيّة، إذ قُتلت بلقيس، زوجتُه، في انفجار ببيروت، وله رثاء فيها، جعلته يرى الحبّ، وإلى آخر حياته، «تعويضاً عادلاً عن هذا السقوط القومي الكبير في بحر الكراهية العربي»…
ومن زاوية إيمانية محضة أزالتك لقاموس الكره من حياتك دليل سلامة إيمانك
فقد أوصانا خير البشرية الرسول (ص)
قائلاً
عن أبي هريرة قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لا تَحاسدُوا، وَلا تناجشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلا تَدابرُوا، وَلا يبِعْ بعْضُكُمْ عَلَى بيْعِ بعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللَّه إِخْوانًا، المُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِم: لا يَظلِمُه، وَلا يَحْقِرُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا …
قال تعالى :
(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)…
صدق الله العظيم