مقالات

قطر وعجائب الحدث الرياضي ٢٠٢٢

فيفا قطر ٢٠٢٢

الدوحة:مدني نيوز
أوشك المولد على الانتهاء

في أول المونديال سمعنا عن استقدام عدد من العلماء لتنظيم ندوات تُعرِّف بالاسلام وعقيدته السمحة وفضائله وآدابه فتفاجأنا بذلك وادركنا ان هناك اناس على مستوى عال من الادراك والوعي يتبنون مثل هذه الافكار المبدعة لاستغلال الحدث العالمي بأوسع وافضل الطرق الممكنة ..

فإذا كان الغير قد قدِم الينا عامدا نشر انحطاطه ومجونه بكل هذا السفور والتعالي الوقح افلا يحق لاهل الديار الدفاع والرد والمواجهة لدرء الباطل واظهار الحقيقة ولو بايسر السبل واقربها عن طريق مثل هؤلاء الشيوخ الاجلاء ..

صور عديدة تحكي وقفات سامية يفيض ويهتز لها الوجدان وتصيب القلوب بالوجل والرهبة.. انها اصوات تتعالى جماعات ووحدانا تنطق بشهادة التوحيد واعتناق الاسلام من اناس قدموا من فجاج عميقة من مختلف البلاد والجنسيات ..
وكأن ما يدور على ارض الواقع يقول لنا
هكذا يكون الاعداد والتنظيم ..
فمنذ انطلاق المونديال والعالم مشدوها يتطلع ويتتبع مستمتعا بما يدور على ارض العروبة قطر ..

إن عوامل هامة ومؤثرة استجدت في هذه الدورة لفتت انتباه المتابعين والقادمين من مختلف اسقاع الارض وعلى غير ما كان يجري في السابق ..

فلأول مرة يُنظم الكأس في بلد شرقي عربي اسلامي ذو عقيدة راسخة وموروث ثقافي اصيل تحكمه تشريعات دينية ربانية منضبطة تتميز وتختلف كثيرا عمَّا ألِفه الناس في العديد من الاوطان والمجتمعات التي قدموا منها ..

في البداية أثناء ما كانت قطر تعد العدة وتتجهز لهذه المناسبة العالمية الكبيرة بإقامة البنى التحتية العملاقة من مدن رياضية وملاعب ومرافق حديثة فوق الارض وتحتها من طرق وشبكات المترو والاتصال ونُزُل استضافة واقامة الوافدين وتوفير الخدمات المختلفة التي ليس لها آخر حتى تظْمَن سلامة ودقة التنظيم واتقانه من كافة الوجوه وفي المقدمة إعداد جيش من الكادر الكفؤ الأمني والمدني المؤهل والمدرب لادارة كل هذه الفعاليات والزحمة البشرية المتنوعة المحتشدة في حيز ومكان واحد .. كل ذلك بمايتطلبه من امكانات واموال ونفقات هائلة بعشرات المليارات من الدولارات كنا نظنه تبذيرا وتبديدا للثروات لا داعي ولا لزوم له ..

أعلم انه قد يتفق البعض او يختلف ولكن مع مرور الايام وتواصل دورة المونديال يتغير التَّوقع الذي كان.. ونفاجأ بصور واحداث مصاحبة على غير ما تخيلنا وسنأتي على ذكر بعضها قي آخر الحديث ولا نبالغ اذا قلنا (كوجهة نظر) انها تساوي أوتفوق في القيمة والأثر اضعاف ما أُنفق من اموال وما بُذلت من جهود على مدار سنوات طويلة من التجهيز والاعداد ..
صور ومواقف سنورد بعضها لا تقيَّم باوراق العملة وملياراتها ولا بسبائك الذهب ومثاقيله ..

إن أبرز الصور العالقة في اذهان الناس وبالذات في العالم الغربي مشابهة لما كان يقوله محمد يحي الزبيري القدسي رحمه الله في نعته لبعض مستمعيه في دروس للغة العربية في صحيفة الثورة حيث كان هو قد تعلَّم في مدارس زبيد العتيقة والمعروفة بضلاعتها في علوم اللغة والادب والشعر والفقه وغيرها وكان مشهورا بالدعابة .. وبعض الحاضرين يتعمَّد احيانا المزاح بالسؤال عن أمور بديهية فيرد عليهم باستغراب : ماذا تقولون يا أبَّالة ( اي انهم جهلة وليس لهم في اللغة وماهم الا رعاة إبل )

وهكذا هو العربي في نظر الغرب لا يعدو ان يكون رجلا متزمتا يعيش في مجتمع جاهل متخلف لا يجيد في حياته سوى حياة البداوة وتربية ورعي الابل والماعز في تلك البلاد الصحراوية القاحلة ..

قد يتساءل البعض اننا في عصر المعرفة ووسائل تقنية حديثة للتواصل ساعدت على تقريب زوايا الارض والتعرف على كل صغيرة وكبيرة ولا يعقل ان يظل هذا الانطباع عالقا في مخيلاتهم حتى الآن ..
لكن المعروف عن تلك الشعوب ان الغالبية لا تهتم او تسعى للتعرف على حياة الغير بل تنشغل بحالها وتقتصر على اعلامهم المتحيز إن هي تابعت ما قد ينقله عنا من معلومات وصور قاصرة ومشوهة ..

على كل حال فإن الكثير منكم قد شاهد ما ينقله الاعلام من صور وفيديوهات تظهر مدى الغرور والعجرفة التي قدِم بها الكثير من اولئك الزائرين الغربيين الى حد بلغ بهم ان ينعتوا بلادا عربية مثل قطر بأنها ليست اهلا لتنظيم الحدث الذي يعد اهم بطولة رياضية عالمية
وتعلَمون ما تعمَّدوا اثارته من مظاهر البلبلة والسخف دون اي مراعاة لمشاعر المستضيف ..
لكن هيهاااات .. لقد انكشف المستور وانقلب السحر على الساحر كما يقال بفعل ما ابدته دولة قطر من حنكة وحزم في تطبيق النظام على الجميع اي كان وضرورة احترام تقاليد البلد ودينه واعرافه اضافة الى ما لمسه القادمون من ممارسات ومظاهر حضارية على مستوى الشارع سواء من قبل اهل البلد او العرب والمسلمين المتواجدين هناك الى الحد الذي بلغ بهم ان يسعفوا المريض او المصاب الى المستشفى مثلا واجراء العمليات الجراحية إن لزم مجانا مما شد انتباه واثار اهتمام الوافدين لكثير من المظاهر الحضارية والانسانية والكرم والاخلاق النبيلة العالية التي لم يكونوا يتصورونها عن اناس توقعوا ان كل همهم القتل والعدوانية والتطرف والارهاب ..

ونتيجة لما سبق فقد انبرى العديد من العقلاء من الكتاب والصحفيين الغربيين لادانة تلك المواقف والتصرفات من قبل ابناء جلدتهم التي اصابتهم بالقرف كونها تصدر من اناس يتظاهرون بالتحضر ورقي الاخلاق ويدْعُون الى حقوق الانسان والمرأة وقد وصفوا التصرفات بغير اللائقة وقلة الاحترام للبلد الذي رحب بهم واستقبلهم بكل ودٍّ وحفاوة ووفر لهم كل التسهيلات والخدمات التي لم يكونوا يحلمون بها ..

ولكي لا تتيه الكلمات في زحمة المونديال ودوشته وضجيجه نعود الى اهم ما نريد الوصول اليه من كلامنا وتلك المظاهر والنتائج التي لا تقدر بثمن ولا ملء الارض ذهبا ومنها
أن هذه البطولة عملت على إحياء واذكاء روح الإخاء الصادق والتقارب بين الشعوب العربية وتمسكها بهويتها التي توحد الامة وتجمع الشمل وهكذا ايضا بين الشعوب العربية والاسلامية بما احدثته من التفافهم جميعا سواء المتواجدين في قطر أو الواصلين اليها للتظامن مع الشعب الفلسطيني ورفع علم فلسطين يرفرف عاليا خفاقا في كل الملتقيات والميادين والاسواق والملاعب وشاركهم في ذلك ايضا الكثير من الناس من شعوب ومواطن وديانات اخرى ما كشف زيف التطبيع ورفضه في كل وجوهه واشكاله ..

وهكذا هو الحال مع تشكيل رابطة واحدة بتنسيق قطري تشجع وتسند أي فريق عربي في الميدان تنادي وتهتف باسمه بصوت واحد باعتباره يمثلهم جميعا.. وقد شكل مضي الفريق المغربي ووصوله الى ادوار متقدمة في البطولة مصدر فخر واعتزاز وحافز كبير في لفت الانظار وتقارب المواقف وازاحة كل الفواصل المصطنعة ..

كما ان عامل اللغة العربية اظهر اصالة الشعوب المنتمية اليها والاصرار على التمسك بها كلغة اصيلة وركن متين في صرح الهوية والانتماء ..

وكما سبق الاشارة الى ان هذه التظاهرة العالمية الكبرى واقامتهافي ديار العرب والاسلام سيكون لها نتائج كبيرة وكثيرة لتعريف العالم بمواطن العرب والاسلام وديانتهم وسلوكياتهم وعاداتهم وتقاليدهم المتينة والراسخة عبر العصور ..

 

وكان استقدام العلماء للتعريف بالاسلام والدعوة الية وكذلك ما صاحب من مظاهر متنوعة كرفع نداء الاذان في الملاعب ومنارات المساجد باصوات خاشعة رخيمة واداء الصلاة احيانا في ساحات الملاعب والميادين ثم التمسك برابط الاسرة وقدسيتها في كيان المجتمع واساسياته الصلبة وكذا الالتزام بمظاهر الحشمة والحجاب كل ذلك وغيره عوامل شدت انتباه كل الحضور في المونديال فمنهم من اعلن الدخول في الاسلام ومنهم من ترك اثرا كبيرا في نفسه وسلوكياته يجذبهم ويدفعهم لتقليد تلك المظاهر الرائعة لعلها مقدمات للتقرب من هذا الدين والالتحاق به في قادم الايام والسنين سواء كان الشخص مقيما او عائدا الى موطنه لينقل للناس ما كان قد رآه وترك آثارا عميقة في نفسه ومشاعره ..
لانه الاسلام (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون) صدق الله العظيم ..

بقلم / محمد علي هادي.
اليمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى