منوعات

ماذا حَدَثَ للبُلْبلِ

قصص الاطفال

القاهرة:الخرطوم:مدني نيوز
بقلم د/ شاكر صبري
كانَ البُلْبُلُ كُلَّ يَوْمٍ يُغَنِّي فَوْقَ غُصْنِهِ بِصَوْتِهِ الجَميلِ .
وكانَتْ تَلْتَفُّ حَوْلَهُ الكَثيرُ منْ الطُّيورِ لِسَماعِ صَوْتِهِ العَذْبِ , حَتَّي بَعْضُ الحَيواناتِ كانَتْ تَأْتي أَيْضاً لِزِيارَتِهِ وسَماعِ صَوْتِهِ العَذْبِ ,
وكانَ البُلْبُلُ يُحِبُّ التَّنَقُّلَ منْ مَكانٍ إلَي مَكانٍ ومنْ شَجَرَةٍ إلَي شَجَرَةٍ , يَسْتَمْتِعُ بِجَمالِ الطَّبيعَةِ وهُوَ يَقولُ : إنَّ الفَنَّانَ يَجِبُ أنْ يَسْتَمْتِعَ بِجَمالِ الطَّبيعَةِ أَكْثَرَ لِكَيْ يُخْرِجَ أَجْمَلَ ما عِنْدَه منْ فُنونٍ
حَطَّ البُلْبُلُ ذاتَ مَرِّةٍ علَي بَعْضَ أَشْجارِ الخِشْخاشِ , وهِيَ منْ النَّباتاتِ التِّي تُسْتَخْرَجُ منْها مَوادُّ مُخَدِّرَةٍ , وأَرادَ البُلْبُلُ أنْ يُجَرِّبَ طَعْمَ أَوْراقِ هذِهِ الشَّجَرَةِ التِّي لمْ يَعْرِفْ تَأْثيرِها المُخَدِّرِ فَتَناوَلَ بَعْضَاً منْ أَوْراقِها , ومَعَ أنَّ طَعامَهُ الحُبوبُ ولَيْسَ أَوْرَاقُ الشَّجَرِ , إلَّا أنَّ حُبَّ التَغْييرِ والتَّجْديدِ والتَّجْرٌبَةِ هُوَ ما اسْتَهْوَي صَديقَنا البُلْبُلَ ..
وقَرَّرَ الأَكْلَ مِنْهَا مَرَّةً تِلْوَ الأُخْرَي .
وَجَدَ أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لا يَسْتَطيعُ أنْ يَتَخَلَّى عنْ تَنَاوُلِ هَذِهِ الأَوْرَاقِ
بَدَأَتْ تَظْهَرُ تَصَرُّفاتٌ غَريبةٌ علَي البُلْبُلِ …
لَمْ يَعُدْ صَوْتُهُ جَميلاً وعَذْباً كَما كانَ , لمْ يَعُدْ مُلْتَزِماً بِمَواعيدِه في الغِناءِ , بَدَأَ يَتَكاسَلُ عن أَداءِ كُلِّ شَيْءٍ ….
تَعَجَّبَ كُلُّ مُحْبِّي البُلْبُلَ منْ ما حَدَثَ لَهُ , ولَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَعْلَمُ السَّبَبَ الرَّئيسِيَّ لِما حَدَثَ لَهُ , ولَكِنَّ الأَصْدِقاءَ المُقَرَّبينَ لَهُ هُمْ فَقَطْ منْ بَدَأَ يَهْتَمُّون به ويَسْأَلُون عنْ حالِهِ , أَمَّا بَقِيَّةُ الحَيواناتِ فانْصَرفوا عَنْهُ وبَدَءوا يَسْتَمِعونَ إلَي صَديقِهمْ الكَرَوانِ صاحِبِ الصَّوْتِ الجَميلِ أَيْضاً .
حَزِنَ البُلْبُلُ منْ ما حَدَثَ منْ الحَيواناتِ , ولَكِنَّهُ عَذَرَهُمْ حَيْثُ تَأَكَّدَ أَنَّ العَيْبَ كانَ مِنْهُ لا مِنْهُمْ , وأَنَّهُ قَدْ أدْمَنَ نَباتاً مُخَدِّراً هُوَ نبَاتُ الخِشْخاشِ .
تَرَكَ البُلْبُلُ المَكانَ وذَهَبَ إلَي صَديقهِ هَزَّازِ الذَّيْلِ وقَدْ اشْتَهَرَ بِهَذَا الاسْمِ لِأَنَّهُ يَهُزٌّ ذَيْلَه دائِماً .
سَمِعَ هَزَّازُ الذَّيْلِ منْ صَديقِهِ البُلْبُلِ حِكايَتَهُ وعَرِفَ حالَتَهُ , وقالَ لَهُ يَجِبُ أنْ نَذْهَبَ سَوِيِّاً إلَي صَديقِنا الفيلِ المَشْهورِ بالطِّبِّ
اتَّجَهوا إلَي صَديقِهِمْ الفيلِ , فَقَالَ الفيلُ لَهُمْ : أَوَّلاً لا بُدَّ أنْ تَبْتَعِدَ عنْ تَناوُلِ أَيِّ نَباتاتٍ غَريبةٍ إلَّا بِإِذْنٍ مِنِّي , وطَلَبَ مِنْهُ أنْ يتَنَاوَلَ بَعْضَ الأَعْشابِ الطِبِّيةِ, وأَمَرَهُ أنْ يتَنَاوَلَ أَيْضاً عَسَلَ النَّحْلِ وحَبَّةَ البَرَكَةِ ….. وحَدَّدَ لَهُ الكِمِّياتِ والمَواعيدَ لِتَناوُلِ الأَعْشابِ وبَقِيَّةِ الدَّواءِ . وطَلَبَ مِنْهُ أنْ يَسْتَمِرَّ علَي ذَلِكَ لِمُدَّةٍ لا تَقِلُّ عنْ شَهْرَيْنِ , لأَنَّ التَخَلُّصَ منْ أَثَرِ المَوادِ المُخَدِّرَةِ منْ الجِسْمِ يَحْتاجُ إلَي وَقْتٍ طَويلٍ أَحْياناً.
وسارَ البُلْبُلُ مَعَ صَديِقِه هَزَّازُ الذَّيْلِ إلَي مَكانٍ هادِئٍ علَي شاطِئِ البَّحْرِ .
وعَلِمَ الهُدْهُدُ بِما حَدَثَ فَذَهَبَ لِيُقيمَ مَعَهُمْ مُدَّةَ عِلاجِهِ
وتَناوَلَ البُلْبُلُ الدَّواءَ بانْتِظامٍ وجِدِّيَةٍ حتَّي تَمَّ الشِّفاءُ الكامِلُ لَهُ .
وقَبْلَ أنْ يَعودَ إلَي الغَابةِ مَرَّ علَي صَديقِهِ مالِكِ الحَزينِ الذَّي كانوا يُسَمُّونَهُ بِحَكيمِ الطُّيورِ , وحَكيا لَهُ ما حَدَثَ للبُلْبُلِ وحَزِنَ مالِكُ الحَزينُ كَثيراً منْ ما حَدَثَ لِصَديقِهِ البُلْبُلِ …
ونَصَحَهُ بأَنْ يَبْتَعِدَ عنْ رُفَقَاءِ السُّوء الذِّينَ يُشَجِّعونَهُ علَي تنَاوُلِ أَيِّ طَعامٍ غَريبٍ رُبَّما يَكونُ ضَارَّاً في النِّهايَةِ .
عادَ البُلْبُلُ إلَي الغَابَةِ يَتَغَنَّى بِصَوْتِهِ العَذْبِ الجَميلِ , وعادَتْ الحَيواناتُ تَسْتَمِعُ لَهُ كَما كانَتْ تَسْمَعُهُ منْ ذي قَبْلُ .
وتَعَلَّمَ البُلْبُلُ منْ هَذِهِ المِحْنَةِ أنْ يُحافِظَ علَي أَصْدقائهِ المُخْلِصينَ لَهُ ومِنْهمْ هَزَّازُ الذَّيْلِ .. وأنْ لا يَهْتَمَّ بِمنْ تَخَلَّي عَنْهُ في مِحْنَتِهِ , وقالَ البُلْبُلُ : إنَّ المِحَنَ رُبَّما كانَتْ مُفيدَةً لنَا لِأَنَّها تَجْعَلُنا نَعْرِفُ الصَّديقَ الوَفِيَّ منْ غَيْرِهِ .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى